فضل الآباء الذين قاموا بتحفيظ أبنائهم القرآن

ونقول: إن الذين وفقهم الله تعالى وتعلموه، أو تعلموا بعضه، أو حفظوا ما تيسر منه قد خصهم الله تعالى بهذه الخصيصة التي هي ميزة لهم وفضيلة؛ فنقول: هنيئًا لكم أيها الشباب، هنيئًا لكم أيها الأولاد، الذين قرأتم كتاب الله والذين اعتنيتم به وأوليتموه جهدًا جهيدا، وحفظتموه أو حفظتم ما يسره الله تعالى، ونوصيكم بأن تواصلوا الحفظ، وأن تجتهدوا في المواصلة، وألا تتوانوا حتى تكملوه، ونوصيكم بعد ذلك بالمواظبة عليه وبتعاهده؛ فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- { تعاهدوا هذا القرآن؛ فلهو أشد تفلتًا من صدور الرجال من الإبل في عقلها } فإذا تعاهدتموه رسخ وثبت في قلوبكم. ثم نقول أيضًا لأولياء أمورهم: أيها الآباء وأيها الأولياء، إنكم قد حزتم فضلًا؛ وذلك أن أولادكم إذا تربوا على حفظ القرآن فإنهم يكونون إن شاء الله من البررة؛ بل كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله : { الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران } . فإذا جود الطالب القرآن أصبح من البررة بمعنى أنه يعرف حق أبويه فيقر لهما بالفضل، فيبر أبويه ويحسن صحبتهما، ويواظب على طاعتهما، ويكثر من برهما، وما ذاك إلا أنه يقرأ الآيات التي فيها الوصية بالوالدين، كقول الله تعالى: { وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا } وقوله تعالى: { وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ } وحيث إن الله تعالى قرن حق الوالدين بحق الله، قال تعالى في سورة البقرة: { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } وقال تعالى في سورة النساء: { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } في آيات كثيرة فإذا قرأ هذه الآيات فإنه -إن شاء الله- سيعرف حق أبويه، ويطيعهما، ويحترمهما، ويبرهما بما يقدر عليه، وكذلك أيضًا يعرف حق أقاربه؛ لأن الله تعالى أوصى أيضا بالأقارب في قوله تعالى: { وَبِذِي الْقُرْبَى } وفي قوله: { وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ } ؛ فيكون بارا بوالديه، ويكون واصلًا لأرحامه. كذلك أيضًا نشكر إخواننا القائمين على هذه الحلقات، الذين بذلوا وقتهم وبذلوا جهدهم في متابعة هؤلاء الطلاب، وفي تشجيعهم، وعلى رأسهم سماحة فضيلة الشيخ عبد العزيز -وفقه الله تعالى- وكذلك أيضا سعادة مدير المركز، أو رئيس المركز سليمان -وفقه الله- لا شك أيضًا أن دعمهما ومتابعتهما لهذه الحلقات أن ذلك من أفضل الأعمال ومن أفضل القربات، وأنه يكتب لهما في ذلك أجر عظيم؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : { من دعا إلى هدى كان له مثل أجور من تبعه من غير أن ينقص ذلك من أجورهم شيئًا } وقال : { من دل على خير فله مثل أجر فاعله } . لا شك أن هذه أيضًا من الميزات العظيمة التي وفق الله تعالى أهل هذه البلدة بها، وفقهم بأن كان عندهم هذان الرجلان، وكذلك أيضًا من يساعدهما ويعاونهما من الإخوة القائمين في مركز الدعوة، وكذلك على جماعة تحفيظ القرآن.