شرب دواء مباح يمنع الشاب الأعزب الجماع

قوله: أو يجوز للرجل شرب دواء مباح يمنع الجماع ؛ لأنه حق له. الشرح: قد يحتاج الشاب إذا لم يكن متزوجا ما يكسر حدة الشهوة عنده، وقد أرشده النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الصوم فقال: { يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء } متفق عليه. لكن قد لا يخفف الصوم من حدة الشهوة عند بعض الناس، فلأجل ذلك قد يحتاج إلى شرب دواء لتخفيف الشهوة، أو لتقليلها حتى لا يقع في الزنا، أو التطلع إلى العورات، أو ما أشبه ذلك، فيجوز له أن يتعاطى دواء لمنع الجماع، أو لتخفيف حدة شهوته التي قد يتضرر بها؛ لأن ذلك حق له. فإذا لم يذهب ذلك إلا بالوطء فإن بعض الشباب يلجأ إلى الاستمناء، المسمى بالعادة السرية، والجمهور عل أن ذلك محرم وداخل في النهي لقوله تعالى: { وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ } . وأجاز ذلك الإمام أحمد في رواية عنه لمن يخاف على نفسه الوقوع في الزنا؛ لأن بعض الشر أهون من بعض، ولأن ارتكاب أدنى المفسدتين أولى من ارتكاب أعلاهما، وسيأتي حكم المسألة في كتاب النكاح- إن شاء الله- وانظر لبيان حكم هذه المسألة، مع ذكر الأقوال فيها رسالة الشوكاني- رحمه الله- (بلوغ المنى في حكم الاستمنى) تحقيق مشهور سلمان. . وعلى كل حال: هناك علاجات وأدوية مذكورة في كتب الطب القديمة تخفف من حدة الشهوة، وقد ذكر كثيرا منها ابن القيم في "عدة الصابرين" (ص 76- 86). وتبعه زميله ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (2\ 231) و (3\124 وما بعدها). . فإذا وجدت أدوية حديثة فيها نوع من التأثير في تخفيف الشهوة فلا بأس من استعمالها بعد أن يتحقق أنه لا ضرر فيها. وأما قطع الجماع كليا فالصحيح أنه لا يجوز، ولأجل ذلك لم يأذن النبي -صلى الله عليه وسلم- لبعض الصحابة في الاختصاء؛ لأن فيه قطعا للشهوة كليا، فقد ثبت عن سعد بن أبي وقاص أنه قال: { رد النبي -صلى الله عليه وسلم- على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا } متفق عليه. . والتبتل هو الانقطاع عن الزواج، وعن الشهوة. وعلى هذا لا يجوز للإنسان أن يقول: أنا سأتفرغ للعبادة، أو للعلم، وأنقطع عن الزواج وأتبتل؛ لأن هذا لم يأت به الشرع، والله تعالى قد أباح النكاح لأجل مصالح عديدة ليس هذا موضعها.