إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
مقالات
4084 مشاهدة
جهل الإنسان

إن الإنسان يولد جاهلا ويرزقه الله سمعا وبصراً وعقلا، ويكلفه أن يتعلم حتى يزيل الجهل الذي هو وصف له ذاتي، وليس عليه أن يحيط بكل المعلومات ويقرأ كل الفنون، وإنما عليه أن يبدأ بالأهم فالأهم، ويتعلم ما ينفعه، سواء في المدارس والجامعات أو في الحلقات، والمحاضرات والندوات، أو من الكتب والرسائل، أو من الأشرطة والإذاعات.
وعليه أن يأتي الأمور من مبادئها؛ فيهتم بالعقيدة والتوحيد، ويحفظ بعض المتون في ذلك ويقرأ شروحها، وكذا يقرأ في النحو والصرف واللغة ما يقيم لسانه ويفهم معه كلام الله -تعالى- وكلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكلام أهل العلم، ويحفظ المتون المختصرة في ذلك، ويقرأ شروحها حتى يفهمها.
وكذا يقرأ في كتب العبادات والمعاملات التي هو بحاجة إلى العمل بها في حياته؛ فإنه مكلف بالطهارة والصلاة والزكاة ... إلخ، ويحتاج إلى بيع ونحو ذلك مما هو مضطر إليه، وعليه أن يتعلم من ذلك ما تمس إليه الحاجة من البيوع المحرمة حتى يتجنبها، وحتى يستفاد من علمه فيها، وهكذا بقية العلوم الحكمية في كتب الفقه والحديث، وعليه أن يحفظ من المتون أقربها تناولا وأسهلها فهما، وهكذا يتزود من علوم الآداب والأخلاق، ويقرأ في كتب السيرة والتاريخ للعبرة والاتعاظ ونحو ذلك.
فأما حديث جابر فهو صحيح، وهو حجة في طلب العلم؛ فإن الصلاة المكتوبة وصوم رمضان تحتاج إلى تعلم الكيفية وما تتم به الصلاة، وما يشترط لها وما يبطلها، وما يلحق بها من السنن والمندوبات والمكملات، وهكذا قوله: وأحللت الحلال وحرمت الحرام، وهو بحاجة إلى تعلم الكسب الحلال وما يترتب عليه وما يكره فيه، وتعلم الحرام وأسبابه وأمثلته، ولا شك أن ذلك يحتاج إلى وقت طويل في التعلم من أفواه المشايخ ومن يعلمون الكتب، ولا يحصل ذلك بمجرد الفهم والإلقاء في الروع.
أما قوله: ثم ماذا بعد القراءة، ثم ماذا بعد البحث ...إلخ؛ نقول: إن القراءة تفيد العلم، ويحصل بعدها فوائد جمة ثابتة تؤيد في المعلومات، ولا شك أن البحث في الكتب عن المسألة وتتبع مواضعها يفهم منه معرفة حكمها وكلام العلماء فيها، حتى إذا جرت على الإنسان عرف كيف يتخلص منها، ولا شك أن تقييد الفوائد سبب في مراجعتها وبقائها في الذاكرة والعلم بما تحويه.
وكذا يقال في حضور الدروس في المدارس والحلقات حيث يحصل للدارس مسائل يتزود منها خيرا، أو تزيد معلوماته يوميا أو أسبوعيا بما لا يحصل للمتخلف والمشغول بحاجة نفسه، ولا شك أن الكتب العلمية التي تعب العلماء في جمعها وتنقيحها وتحريرها، وبذلوا فيها جهدهم؛ يحصل بها فوائد جمة لمن قصد الاستفادة وأعطاها حقها من القراءة والمطالعة.
وأما تحضير المواضيع فيحتاج إليه من يعد بحثا خاصا، أو يلقى درسًا أو محاضرة؛ فهو يحضر بأن يقرأ ويطالع المراجع حتى يتأكد عند الإلقاء من صحة ما ألقاه وجواب ما يسأل عنه، وحفظ المتون ففائدته كبيرة، حيث إنه يستحضر الجواب من ذلك المتن عند البحث فيه أو العمل بمسألة، فيعرف الحكم، ويتذكر نص العلماء على ذلك من حفظه.
فأما الاعتكاف على قراءة كتب الزهد والترغيب والترهيب فهو مفيد في بعض الأحوال، لكن لا بد قبله من معرفة الأحكام والواجبات والمحرمات وأمور العقائد ونحوها، حتى يكون الإنسان على بصيرة من أمره، والله أعلم.